Sunday, January 22, 2012

الراجل اللى ورا قناع «جاى فوكس» ـ






لماذا يخشى الإخوان والعسكرى.. قناع «Vendetta»؟ ـ
قناع جاى فوكس هو قناع رمزى لرجل مبتسم له شارب ولحية عاش فى القرن الخامس عشر يستخدم عالميا فى المظاهرات الاحتجاجية، استلهمه المتظاهرون من أحد الأفلام الشهيرة، هذا القناع حاليا مصدر رعب وهلع جهات أمنية وتيارات سياسية فى مصر، وهلعهم ورعبهم فى محله، وإن كانت حيثياتهم للترهيب منه مغلوطة، بل مضحكة لمن يعرف حقيقة القناع. قناع جاى فوكس حذرت من ارتداءه صفحة المجلس العسكرى وبعض الإعلاميين، وأخيرا الإخوان، على اعتبار أنه يدعو إلى الفوضى ويسهل تسلل المندسين، وكلنا يعلم من أين يأتى المندسون ومن الذى يدسهم وسط المظاهرات. القناع يرتديه كثيرون فى المظاهرات العالمية ليرسلوا رسالة واحدة إلى السلطة: «نحن نعرف أكاذيبكم وسنكشفها ونقاومها وسنرفضها»، ولانهم مجهولون بالنسبة إلى السلطة فهى تخشاهم، ولهذا ينشرون حولهم الإشاعات ويربطون القناع بالفوضى والتخريب، وهو منها براء.
قناع جاى فوكس الشهير أسماه الإخوان المسلمون فى مانشيت صحيفتهم «الحرية والعدالة»: «قناع بانديتا.. خطة الأناركيين لنشر الفوضى»، وبداية نصحح الاسم الفضيحة على طريقة دروس «قُل ولا تقُل» لتعليم اللغة الصحيحة: قُل قناع «جاى فوكس» أو قناع «فنديتا» ولا تقل أبدا قناع «بانديتا» حتى لا يضحك أحد عليك، فلا يوجد شىء اسمه «بانديتا» فى اللغة الإنجليزية، هذا الاسم الناتج عن ضعف فى اللغة الإنجليزية وقلة معرفة بالثقافة العالمية، وهو القناع الذى ظهر فى فيلم «ثاء من ثأر» (V For Vendetta)، أما «بانديتا» فهى كلمة لا معنى لها، كما أنه لا معنى لقناع بلاستيكى ينشر الفوضى كما يدّعون إلا إذا كان قناعا مزود بأشعة ليزر حارقة مثلا، ويبدو أن إعلام الإخوان المسلمين بدأ يرث أساليب إعلام الحزب الوطنى بكل قبحه وجهله لتشويه الآخرين، وقد نسوا أنهم حتى شهور قريبة كانوا جماعة محظورة يشاع أنها تحرض على الفوضى، وقد حول إعلام مبارك استعراضا رياضيا قاموا به فى إحدى الجامعات فى عام 2006 مرتدين أقنعة وملابس سوداء إلى عمل إرهابى، وها هم أولاء يحولون ارتداء قناع رمزى ظهر فى فيلم فى نفس عام استعراضهم 2006 إلى خطة لنشر الفوضى.
لنتعرف إلى قناع جاى فوكس الذى يرغب بعض المتظاهرين فى ارتدائه يوم 25 يناير رمزا احتجاجيا معروفا يُستخدم عالميا منذ نشر سلسلة الكوميكس فى الثمانينيات واشتهر بشدة بعد عرض الفيلم المأخوذ عن الكوميكس فى 2006، وبالمناسبة حتى لا يرتبك الإخوان فى الترجمة فإن «الكوميكس» هى القصص المصورة المطبوعة مثل مجلات «سوبرمان» و«ميكى»، وهى أشياء ثقافية فنية مسلية لا تنشر الفوضى، وقد آن الأوان للإخوان بعد أن كثر جلوسهم مع الأجانب أن يفهموا ويتعرفوا بعمق إلى الثقافة العالمية ويدققوا فى معانيها ورمزيتها حتى لا يضحك علينا وعليهم الأمم اللى تسوى واللى ما تسواش.
جاى فوكس Guy Fawkes هو ذلك الرجل المطبوعة صورته على القناع الشهير، وهو يختلف عن الرجل الذى ظهر فى الفيلم يضع قناعه فى الزمن الحديث، أما قصة جاى فوكس فهى تتعلق بمقاومته نظام الحكم البروتستانتى أيام الملك جيمس الأول، وقد عاش فى الفترة بين عامَى 1570 و1606 فى إنجلترا، وُلد فى مدينة يورك لأسرة يعمل أفرادها كنسيين بروتستانتيين، واعتنق هو المذهب الكاثوليكى، وحينما تخاذل الملك جيمس الأول عن تقديم أى مساعدة للكاثوليك اشترك جاى مع مجموعة من رفاقه فى مؤامرة للتخلص من الملك والبرلمان وتنصيب الأميرة إليزابيث ملكة على البلاد، وقد عهد المتآمرون لفوكس بحفر سرداب أسفل بيت اللوردات مباشرة لتنفيذ المهمة التى عُرفت باسم «مؤامرة البارود»، وكانت تهدف إلى تفجير البرلمان بمن فيه، وقد فشلت بعد أن تسلم اللورد مونتيجلى رسالة تبلغه بتفاصيل المؤامرة وتم القبض على فوكس وتعذيبه وإعدامه، وهناك تقليد سنوى يتم فى الخامس من نوفمبر من كل عام فى بريطانيا للاحتفال بفشل مخطط جاى فوكس وتسمى «ليلة الاحتفال بليلة البون فاير»، وقد أصبحت هذه المؤامرة جزءا من تراث تاريخ مقاومة الأشخاص للسلطة القمعية.
اشتهر قناع جاى فوكس بعد نشر سلسلة روايات الكوميكس «V For Vendetta» التى كتبها كاتب الكوميكس الإنجليزى الشهير آلان مور ورسمها ديفيد لويد، واحتوت على بطل يقاوم السلطة القمعية لإنجلترا الديكتاتورية فى زمن خيالى بسلسلة من العمليات التى تكشف مؤامرات السلطة على الشعب، وقد ارتدى قناعا لوجه جاى فوكس كأنه يكمل مهمته فى مقاومة السلطة المستبدة، وبدأ ينشر فكرته للجماهير المغيبة الخائفة من الحاكم الديكتاتور، شعاره الذى يكتبه بطريقة الجرافيتى على الحوائط «القوة من الوحدة، الوحدة من الإيمان»، وهى إحدى جمل جورج أورويل فى روايته «1984»، وفى إحدى عملياته استطاع «V» الاستيلاء على الإرسال التليفزيونى ليتحدث إلى الشعب مباشرة، ويصل فى مرحلة ما إلى إلهام الناس بفكرة الثورة الشعبية السلمية.

----------------------------------------
من جريدة التحرير - العدد 204 - الأحد 22 يناير 2012

No comments:

Post a Comment